الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

حقيقة إرتداد مسيلمة بن حبيب الحنفي (الكذاب)

قد يتساءل البعض؛ لماذا أُدرج مسليمة وقبيلته بني حنيفة تحت زمرة القبائل المرتدة في التاريخ الإسلامي؟ لا شك أن الإجابة المنطقية: لأن مسيلمة وقبيلته ــ أو أغلبها على الأقل ــ قد أسلموا في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وبعد وفاته وتولية الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه إرتدوا عن الدين كأغلب القبائل العربية التي أعلنت إسلامها بين يدي الرسول(صلى الله عليه وسلم).
ولكن الحقيقة؛ أن المتتبع للروايات التي صاغت مشهد قدوم بني حنيفة إلى المدينة لمقابلة الرسول صلى الله عليه وسلم، يتأكد من أن مسيلمة لم يسلم ولم يعلن الشهادتين بين يدي رسول الله، بل هناك من الأحاديث الصحيحة التي تدل على أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) تنبأ عند مقابلته لمسيلمه بكذبه، وأن الله سيبيده ويبيد ما في يديه.
ولكن ليس معنى هذا أن الوفد المرسل من بني حنيفة إلى المدينة لم يسلم منه أحد؟ بل أسلم البعض منهم، وأخذوا عهداً على أنفسهم بنشر الدين داخل قبيلتهم. ولكن يبدو أن مسيلمه لم يتح لهم الفرصة لتنفيذ ذلك التعهد. فقبل دخول الوفد اليمامة، أخبرهم مسيلمة أنه نبي، وأن الله أشركه مع محمد، وأخذ ينشر ما يقول، وعطل القادمين عن نشر الإسلام في القبيلة.
نحج مسليمة في مسعاه، مستغلاً العصبية القبلية ما بين ربيعة ومضر، فبني حنيفة في نظره لا تقل عن قريش في شيء، بل على العكس، كانت قبيلة كبيرة ثرية إقتصادياً، وذات فكر سياسي متأصل، ونظام ملكي معروف.
لذلك تمكن مسيلمة من تحقيق ما يريد، وأخذ يراسل الرسول (صلى الله عليه وسلم)، يطلب منه اقتسام الأرض بين بني حنيفة وبين قريش، ولكن لم يقبل الرسول (صلى الله عليه وسلم) بمثل هذا الكلام. كما لم يرسل إلى بني حنيفة من يقوم بجمع صدقاتهم قبل وفاته، كما أرسل لباقي القبائل التي أعلنت إسلامها، لعلمه أنها لم تسلم بعد.
هنا يمكن التقرير بأن بني حنيفة عندما قام خالد بن الوليد بمهاجمتها في عام 11هـ، وقتال مسيلمة في معركة عقرباء: كانت ما تزال في وثنيتها أو نصرانيتها التي كانت قبل بعثة الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وان الإسلام لم يدخل القبيلة ــ أو أغلبها على الأقل ــ إلا بعد معركة عقرباء والقضاء على مسيلمة الكذاب. وقد ورد دليل مباشر على ذلك في كتاب المغني لإبن قدامه قائلاً: لم يثبت أن من تم استرقاقهم من بني حنيفة قد سبق لهم الإسلام عند قدومهم إلى المدينة.
وبالتالي فلا يصح أن نطلق على بني حنيفة المرتدين، وعلى مسيلمة كذلك، وأن هذه التسمية انتشرت في المصدار الإسلامية خلال تلك الفترة، إنطلاقاً من تسمية المعارك التي خاضتها الدولة الإسلامية الوليدة مع القبائل العربية خلال تلك المرحلة من تاريخها. ويمكن اعتبار تلك الحرب مع بني حنيفة، أنها كانت بداية الفتوح الإسلامية.